المرقات مع تعلیقھا تقویۃ المرقات |
لمرقات |
|
وَیَنْبَغِيْ أنْ یُّعْلَم(١) أنَّه لاَیُبْحَث عَنْ وُجُوْد الْمَوْضُوْع، وَلاَیُبْحَث عَنْ مَاهِیَّتهٖ فِي الْعِلْم الَّذِيْ هُوَ مَوْضُوْع لَهٗ، فَلایَبْحَث الطَّبِیْب عَنْ بَدَن الإنْسَان مِنْ حَیْثُ إِنَّه مَوْجُوْد أوْ جِسْم أوْ حَیَوَان نَاطِق، وَلاَالنَّحْوِي عَنْ حَقِیْقَة الْكَلِمَة وَالْكَلاَم؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا كَانَ مَوْضُوْع عِلْم الطَّبْعِي ’’الْجِسْمَ الْمُطْلَق‘‘، وَكَانَ صَاحِب هٰذَا الْفَنّ یُوْرِد مَبَاحِث الْهَیُوْلیٰ وَالصُّوْرَة فِي الطَّبْعِیَّات أشْكِلَ عَلَیْهِ، أنَّ ’’الْهَیُوْلیٰ‘‘ وَ’’الصُّوْرَة‘‘ مِنْ أجْزَاء الْجِسْم وَمُقَوِّمَاتِه، فَكَیْفَ یُوْرِدُ هٰذِهِ الْمَبَاحِث فِي الطَّبْعِیَّات؟ وَاعْتُذِرَ مِنْ قِبَلهٖ أنَّ هٰذِه الْمَبَاحِث اسْتِطْرَادِیَّة. وَثَانِیْهَا مَبَادِیَة(٢)، وَالْمَبَادِي: مَایَبْتَنِيْ عَلَیْهِ الْمَسَائِل، وَهِيَ إِمَّاتَصَوُّرِیَّة (١) قَولهٗ: (وینبغي أن یعلم إلخ) اعلم! أنهم قالوا: إن الموضوع وذاتیاته تكون مفروغة عنها في العلم، واستدل علیه بعضهم بأن إثبات موضوع العلم وأجزاءِه لایكون مسئلة في هٰذا العلم؛ لأن الموضوع ما یطلب له أعراض ذاتیة، وما لم یعلم وجوده استحال أن یطلب له ثبوت شيء؛ ولأن مسائل العلم هي إثبات الأعراض الذاتیة، وإثبات الأعراض یتوقف علی ثبوت الموضوع وأجزاءه، فلو كان ثبوت الموضوع وأجزاءه مسئلة من المسائل توقف الشيء علی نفسه. فافهم.(مرآت) (٢) قَولهٗ: (مبادیة إلخ) هي التي یتوقف علیها مسائل العلم. اعلم! أنها لیست من أجزاء العلوم؛ بل من الوسائل التي یتوسل بها للوصول إلی المطالب التصَوُّریة والتصدیقیة. قال صاحب سلم العلوم -في الحاشیة-: هٰذا هو الحق، وأما ما قیل: ’’أجزاء العلوم ثلٰثة‘‘ فخطأ أو مسامحة، انتهٰی. حاصله: أن القول بكون المسائل من أجزاء العلوم والمبادي من وسائلها لا من أجزاءها هو الحق. ومن قال: أن أجزاء العلوم ثلٰثة: الموضوعات، والمبادي، والمسائل؛ فهٰذا القول إما خطأ -كما لایخفٰی- أو محمول علی المسامحة، بأن یقال: المبادي لما كانت وسیلة إلی إدراك المسائل وموقوفة علیها وشدة احتیاج المسائل إلیها صارت كالأجزاء، فعدها بالنظر إلی هٰذه الجهة؛ لٰكن عد الموضوعات من الأجزاء بالاستقلال، فلیس له وجه ظاهر؛ لما قلنا.(مرآت)