المرقات مع تعلیقھا تقویۃ المرقات |
لمرقات |
|
وَهٰهُنَا قَدِ انْتَهَتْ مَبَاحِث الْقِیَاس بِالْقَوْل الْمُجْمَل، وَالتَّفْصِیْل مَوكُوْل إِلَی الْكُتُب الطِّوَال، وَالْآن نَذْكُرُ طَرْفا مِنْ لَوَاحِق الْقِیَاس.فَصْلٌ (١) الاسْتِقْرَاء(٢): هُوَ الْحُكْم عَلیٰ كُلّ بِتَتَبُّع أكْثَر الْجُزْئِیَّات(٣)، كَقَوْلنَا: ’’كُلّ حَیَوَان یُحَرِّك فَكَّه الْأسْفَل عِنْدَ الْمَضْغ‘‘؛ لِأنَّا استَقْرَیْنَا -أيْ تَتَبّعْنَا- الإنْسَان، وَالْفَرَس، وَالْبَعِیْر، وَالْحَمِیْر، وَالطُّیُوْر، وَالسِّبَاع؛ فَوَجَدْنَا كُلّهَا كَذٰلِكَ، فَحَكَمْنا بَعْد تَتَبُّع هٰذِهِ الْجُزْئِیَّات الْمُسْتَقْرَیَة أنَّ كُلَّ حَیَوَان یُحَرِّك فَكَّه الْأسْفَل عِنْدَ الْمَضْغ. فَصلٌ في الاستقراء والاحتیاج إلیه (١) قوله: (فصلٌ الاستقراء) اعلم! أن العلماء المسلمین استعملوا طرق الاستقراء الصحیحة الصادقة، واعتمدوها طریقا موصولا إلی علومهم ومعارفهم، فمن ذالك: موضوعات الفقه مثلا، كما اعتمد الفقهاء المسلمون طریقة الاستقراء في الكثیر من موضوعات الفقه حیث استخرجوا الكثیر من قواعد الفقهیة العامة، فأحصوا أنواع المیاه وضبطوا أحكامها، وكما أحصوا الكثیر من المشكلات التي یقابلها المسلمون مما لم تكن علی عهد رسول اللهﷺا، وضبطوا لكل مشكلة حكمها؛ وغیر ذٰلك من الأحكام الشرعیة التي بنیت علی الاستقراء. (المنطق القدیم) (٢) قَولهٗ: (الاستقراء إلخ) هو إما تام إن كان حاصر لِجمیع الجزئیات وهو القِیَاس المقسّم، كقولنا: ’’كل جسم إما جماد أو حیوان أو نبات، وكل واحد منها متحیز؛ فكل جسم متحیز‘‘؛ وهو یفید الیقین، نحو: ’’كل حیوان یموت‘‘، وكذا ’’الصحابة كلهم عدول‘‘. وإما غیرتام إن لم یكن حاصرا،كما ذكر المصنفؒ، وهو لایفید الیقین.(المرآت)بزیادة (٤) قولهٗ: (علیٰ أكثر الجزئیات) إنما قال: ’’أكثر الجزئیات‘‘؛ لأن الحكم لو كان موجوداً في جمیع جزئیاته لم یكن استقراءً؛ بل قیاسا مقسِّماً، ویسمی استقراءً أیضاً؛ لأن مقدماته لاتحصل إلا بتتبع الجزئیات -وهو الاستقراء-، كقولنا: كل حیوان یحرك فكه الأسفل عند المضغ؛ لأن الإنسان والبهائم والسباع كذٰلك، وهو لایفید الیقین لجواز وجود جزئي آخر لم یستقرأ، ویكون حكمه مخالفا لما استُقرأ، كالتمساح في مثالنا ذٰلك. (قطبی) محمد إلیاس