المرقات مع تعلیقھا تقویۃ المرقات |
لمرقات |
|
وَثَانِیْهَا: الفِطْرِیَّات، وَهِيَ: مَایَفْتَقِرُ إِلیٰ وَاسِطَة غَیْرِ غَائِبَة عَنِ الذِّهْن أصْلا، وَیُقَال لِهٰذِهِ الْقَضَایَا: ’’قَضَایَا قِیَاسَاتُهَا مَعَهَا‘‘ نَحْو: الأرْبَعَة زَوْج؛ فَإِنَّ مَنْ تَصَوَّرَ مَفْهُوْم الْأرْبَعَة وَتَصَوَّرَ مَفْهُوْم الزَّوْج -بِأنَّه: هُوَ الَّذِيْ یَنْقَسِم بِمُتَسَاوِیَیْن- حَكَمَ بَدَاهَة بِأنَّ الْأرْبَعَة زَوْج، وَنَحْو قَوْلِنَا: الوَاحِد نِصْف الاِثْنَیْن؛ فَإِنَّ الْعَقْل یَحْكُم بِهٖ بَعْدَ أنْ یُلاَحِظَ مَفْهُوْم نِصْف الاِثْنَیْن وَالْوَاحِد. وَثَالِثهَا: الحَدَسِیَّات(١)، وَهِيَ ظُهُوْر الْمَبَادِي دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ دُوْن أنْ یَّكُوْن هُنَاكَ حَرَكَةٌ فِكْرِیَّةٌ. وَالْفَرْق بَیْنَ الْحَدْس وَالْفِكْر(٢): أنَّه لاَبُدَّ فِي الْفِكْر مِنَ الْحَرَكَتَیْن(٣) (١) قَولهٗ: (الحدسیات) وهي قضایا یدركه العقل بواسطة الحدس، نحو: نور القمر مستفاد من نور الشمس. الحدس هو: انتقال الذهن في الحكم من المبادیٔ إلی المطالب دفعة من غیر حركة تدریجیة، وذٰلك عن طریق قِیَاس خفي مطويّ بني علی المشاهدة. والمذكور في الكتاب هو تعریف الحدس، لا الحدسیات. فافهم (محمد إلیاس) الملحوظة: الحدس لیس من المجربات؛ بل یفترق عنها في أن المجربات یكون الحكم فیها معلوم السبب؛ لٰكنه مجهول الحقیقة؛ فنحن نعلم أن شرب السقمونیا مسهل للصفراء؛ لٰكنا لانعرف لِمَ كان ذٰلك خصیصة في السقمونیا؟ فالمجربات معلومة آثارها؛ لٰكن ماهیتها مجهولة، وأما الحدسیات فمعلومة السبب والماهیة.محمد إلیاس (٢) قَولهٗ: (والفرق بین الحدس إلخ) قد عرفت في مفتح تعلیقنا في بیان النظر: أن ’’الفكر‘‘ [۱] قد یطلق علی مجموع الحركتین -أي: الحركة من المطالب إلی المبادیٔ ومن المبادیٔ إلَی المطالب-، [۲] وقد یطلق علی الحركة الأولیٰ، [۳] وقد یطلق علی الترتیب اللازم للحركة الثانیة؛ كما اصطلح علیه المتأخرون من حیث فسروا ’’الفكر‘‘: بترتیب أمور معلومة للتأدی إلی المجهول، و’’الحدس‘‘ مقابل للمعنی الأول من الفكر؛ فإن الفكر انتقال من المطالب إلی المبادي دفعة،