المرقات مع تعلیقھا تقویۃ المرقات |
لمرقات |
|
فَهُوَ الْهَیْئَة الْحَاصِلَة مِنْ تَرْتِیْب الْمُقَدَّمَات وَوَضْعِ بَعْضهَا عِنْدَ بَعْض، وَقَدْ عَرَفْتَ الْأشْكَال الْأرْبَعَة الْمُنْتِجَة وَعَلِمْتَ شَرَائِطهَا فِي الإنْتَاج. بَقِيَ أمْر الْمَادَّة، وَالْقُدَمَاء -حَتَّی الشَّیْخ الرَّئِیْس- كَانُوْا أشَدَّ اهْتِمَاما فِيْ تَفْصِیْل مَوَادِّ الْأقْیِسَة وَتَوْضِیْحهَا، وَأكْثَر اعْتِنَاء عَنِ الْبَحْث فِيْ بَسْطهَا وَتَنْقِیْحهَا، وَذٰلِكَ لِأنَّ مَعْرِفَة هٰذَا أتَم فَائِدَة وَأشْمَلُ عَائِدَةً لِطَالِبيْ الصِّنَاعَة(١)؛ لٰكِنَّ الْمُتَأخِّرِیْن قَدْ طَوَّلُوا الْكَلاَم فِيْ بَیَان صُوْرَة الْأقْیِسَة، وَبَسَطُوا فِیْهَا غَایَة الْبَسْط، سِیَّمَا فِيْ أقْیِسَة الشَّرْطِیَّات الْمُتَّصِلَة وَالْمُنْفَصِلَة مَعَ قِلَّة جَدْویٰ(٢)هٰذِهِ الْمَبَاحِث، وَرَفَضُوْا أمْر الْمَادَّة(٣)، باعتبار مادته یقال لها ’’الصناعات الخمس‘‘، وهي: البرهان، والجدل، والخطابة. والشعر، والسفسطة. ووجه ضبطه سیجيء قبیل ’’فصل في البرهان‘‘ في الحاشیة. والبرهان: ما كانت مواده یقینیة، وهي التي یجب قبولها بدیهیة كانت أو نظریة تنتهي إلی البدیهیات؛ وسواء عقلیة كانت تلك المقدمات أو سمعیة؛ فإن السمع یفید الیقین، كأن یكون خبر من یمتنع علیه الكذب، كخبر الله تعالیٰ وخبر رسوله ا، وكذٰلك الإجماع. وأصول الیقینیات عندهم ستة: الأولیات، الفطریات، الحدسیات، التجربیات، المتواترات، المشاهدات.ووجه الضبط وتفصیلها سیجيء في مقامها. ثم البرهان قسمان: البرهان اللِّمِّيُّ، والبرهان الإنِّيُّ. (ملخص من تسهیل المنطق) (١) قَولهٗ: (لطالبي الصناعة إلخ) وذٰلك لأن مطلوبهم إنما هي العصمة عن الخطأ في الفكر، وهو إنما یتم بطلب المادة المناسبة للمطلوب وتألیف الهیأة الموصلة إلیه، والخطأ قد یقع في تألیف الهیأة وهو الأقل، والعاصم عن هٰذا الخطأ قوانین الصورة، وكثیراً ما یقع الخطأ في طلب المادة المناسبة؛ لأنه ربما یظن الكاذب صادقا وغیر المناسب مناسباً، والعاصم عن هٰذا الخطأ قوانین المادة، أعني: مبحث الصناعات الخمس المشتمل علی تحصیل مبادي الجدل والبرهان وسائر الحجج، وتمییز بعضها عن بعض، فلابد لطالبي الصناعة من البحث عن موادّ الأقیسة علی وجه البسط والتفصیل؛ لیعصموا عن الخطأ في الفكر علی أتم وجه.(مرآت) (٢) قَولهٗ: (مع قلة جدوي إلخ) إذ لاینتفع بها أصلا، لا في الدنیا ولا في الآخرة، كما صرح به