المرقات مع تعلیقھا تقویۃ المرقات |
لمرقات |
|
لِیَتَأدَّی ذٰلِكَ التَّرْتِیْبُ إِلیٰ تَحْصِیْلِ الْمَجْهُوْل(١)؛ إِذَا رَتَّبْتَ(٢) الْمَعْلُوْمَاتِ (١) قَولهٗ: (المجهول) المراد به المطلوب التصَوُّري أو التصدیقي الذي یحصل بالترتیب، فالأمور المرتبه یكون معلوماً ومؤدیاً إلی المطلوب الذي هو غیر معلوم؛ لٰكن لابد أن یكون المطلوب معلوم للطالب بوجهٍ مَّا؛ وإلا لزم طلب المجهول المطلق وهو محال؛ ولابد أیضاً أن یكون مجهولاً؛ وإلا لزم استعلام المعلوم وتحصیل الحاصل، الذي هو أیضاً محال، كما تقرر في مقره. (المرآت) (٢) قَولهٗ: (إذا رتبت إلخ) اعلم! أن الطالب إذا أراد تحصیل مجهول تتوجه نفسه إلی الأمور المعلومة المخزونة عندها، فما تراه مناسبا لمطلوبه تأخذه، وما تراه غیر مناسب تتركه حتّٰی تحیط بمبادیٔ المطلوب، مثلاً: إذا أراد أن یحصل أن العالَم متصف بالحدوث أم لا؟ فیتوجه النفس إلی المعلومات التي هي مخزونة عندها، فَتَتَبَّعَتَ من جملة المعلومات فوجدتَ فیها: أن العالم یتغیر، والمتصف بالتغیر یكون متصفاً بالحدوث، فهُمَا -أي: تغیر العالم وحدوث المتغیر- مناسبان؛ فهٰذه الحركة تسمّٰی بالحركة الأولیٰ؛ ثم تنتقل منها بأن تُرتبها ترتیباً مؤدیاً إلی المطلوب، مثلاً رتبتَ: أن العالم متغیر، وكل متغیر حادث، وهٰذا الترتیب یسمّٰی بالحركة الثانیة؛ فبعد هٰذین الحركتین حصل المطلوب، أي: العالم حادث. ثم اعلم! أنه قد یتفق أن النفس تكون مستشعرةً للمطلوب بوجهٍ من الوجوه، ثم تنتقل إلی المبادي دفعةً بلا تجشم في الحركة الأولٰی، ثم تتحرك إلی المطلوب، فیتحقق الحركة الثانیة فقط دون الأولیٰ؛ وقد یتفق أنها تتحرك من المطلوب إلی المبادي، وتنتقل منها إلیه دفعةً فیتحقق الأولیٰ فقط دون الثانیة؛ وقد یتفق أنها تنتقل إلی المبادي تدریجاً ثم منها إلی المطلوب كذٰلك. وبالجملة: [۱] قد یكون الانتقال الأول دفعیاً والثاني تدریجیاً، [۲]وقد یكون بالعكس، [۳]وقد یكونان دفعیین، [۴]وقد یكونان تدریجیین؛ فذهب القدماء إلی أن الفكر: عبارة عن مجموع الحركتین، فإذا انتفت إحدٰهما یتحقق البداهة، ففي الصورة الأولیٰ والثانیة والثالثة لایتحقق النظریة عندهم؛ إذ مناط النظریة علی تحقق الحركتین؛ وذهب المتأخرون إلیٰ أن الترتیب اللازم للحركة الثانیةُ، فعندهم لایتحقق النظریة في الصورة الثانیة والثالثة؛ لأن الحركة الثانیة فیهما مفقود. وكلا المذهبین مخدوشان، والتفصیل مع مالهٗ وما علیه في مطولات الفن، فإن شئت الاطلاع فلیطالع ثمه. ولعل الحق أن الفكر: عبارة عن الحركة في المعقولات لتحصیل المجهول، سواء تحقق مجموعهما أو إحدٰهما، فمدار النظریة علی تحقق الحركة؛ ومدارج الضرورة علی انتفائها رأساً. فافهم(المرآت)