شرح تہذیب مع تعلیقات جدیدۃ من الحواشی المعتبرۃ |
رح تهذی |
|
وَهُوَ: مُلاحَظَةُ المَعْقُوْلِ لتَحْصِیْلِ المَجْهُوْلِ۔. وَقَدْ یَقَعُ فِیْهِ الخَطَأُ، الاسْتِدلال، كمَا ارْتَكبه القَوم؛ وذٰلك لأنَّا إذا رجَعْنا إلیٰ وِجْداننا۱، وجَدْنا مِن التصوُّرات: ما ھوَ حاصِل لنَا بلانَظْر، كتصوُّر الحَرارَة والبُرودَة۲؛ ومنْھا: مَا ھوَ حاصِل بالنَّظْر والفِكْر، كتصوُّر حقیْقة المَلَك والجِنّ۳؛ وكذا مِن التصْدیقَات: مَا یَحصُل بلانَظْر، كالتصْدِیق بأنّ الشَّمْس مُشْرِقة والنارَ مُحْرِقة؛ ومنھا: ما یَحصُل بالنَّظْر، كالتصْدیق بأنّ العَالَم حادِث والصَّانِع مَوجوْد۴. قوْلهٗ (وَھوَ مُلاحَظَةُ المَعْقُوْلِ۵): أيِ النَّظْرُ: توَجُّه النفْس نحوَ الأمْر المَعلوْم۶ ۱ قوله: (لأنا، إلیٰ قوله: وجداننا) لإزالة الخفاء، وإشارة إلیٰ أن هٰذا الوِجدان عام، لا خاص؛ فلایرِد أنَّ الوجدان لایصیرُ دلیلاً علی الغیر۔. (عن) ۲ قولهٗ: (كتصوُّر الحرارة والبرودة) فإن قیل: لِمَ لایجوز أنْ یكون تصوُّر الحرارة والبرُودة وكذا التصدیق -بأنَّ الشَّمس مُشرِقةٌ والنارُ محرِقةٌ- مُكتَسَباً من النظْر؟ وعدَم شُعور الاكتساب لایستلزم عدمُه؛ لجواز النِّسیان بكیفیة النظر.۔ والجواب: أنّ ھٰذه الأمور حاصلة لنا في المُرتبَة المُسَمَّاة بـ’’العقل بالمَلكة‘‘، وفي ھٰذه المَرتبة لا اكتساب بالفعل؛ فلابد منْ أنْ یكون حصولھا بلا اكتساب، وھو المطلوب۔.(سل) ۳ قوله: (الملَك والجن) الملَك: جسم نوراني علوي یتشكل بأشكال مختلفة سوی الكلب والخنزیر؛ والجن: جسم ناري سفلي یتشكل بأشكال مختلفة حتی الكلب والخنزیر؛ والروح: جوهر مجرد یتعلق بالبدن كتعلق ماء الورد بالورد۔. (مس) ۴ قولهٗ: (والصانع موجود) لأنّ الصانع مؤثِّر في المصنوع الموجود، وكلُّ مؤثر في المَصنوع الموجودِ مَوجودٌ؛ -لأنّ المَصنوع موجود مُمكِن، ولابد للموجود المُمكِن من مُوجِدٍ موجود یرجِّح أحد طَرَفیه، وھو الصانع- فالصانع موجود.۔(عن) ۵ قولهٗ: (وھو ملاحظةٌ إلخ) وإنما قال:’’الملاحظة‘‘ولم یَقُلْ:’’حصولُ المَعقولِ أو العلمِ بالشيء‘‘؛ لأنّ حصولَ المَعقولِ والعلمِ به قد یتحقق بدون التوجُّهِ والالتفات، وحینئذٍ لم یتحقَّقِ النَّظْر والاكتساب۔. وإنما عدل عن التعریفِ المشهور -وهو: ’’ترتیب أمورٍ معلومةٍ لیتأدی إلی مجهول‘‘- لیشمل جمیع أفراد النظر بلاكلفة، سواء كان بالمفرد أو بالمركب، معلوماً كان أو مظنوناً أو مجهولاً بالجهل المركب. (مج) ۶ قولهٗ: (نحو الأمر المعلوم) الذي حَصَل صورتُه في العقل، ولایخفیٰ أنه لو قال: ’’نحو الأمر المعقول‘‘ لكان أنسَبَ بعبارة المَتْن وأوفقَ؛ لِمَا سیَذكرُه من وجه العُدول عن لفظ ’’المَعلوم‘‘ إلی لفظ ’’المَعقول‘‘. ۔(عن)