شرح تہذیب مع تعلیقات جدیدۃ من الحواشی المعتبرۃ |
رح تهذی |
|
قوْلهٗ (الَّذِيْ ھَدَانَا): الھدایَة، قیْل: هِيَ الدَّلالَة المُوصِلَة، أيِ الإیْصَالُ إلی المَطلوْب۱؛ وقِیْل: هِيَ إراءَة الطَّریْق۲المُوصِلِ إلَی المَطلوْب۳. والفرْق بیْنَ ھذیْن المَعنیَیْنِ۴: أنَّ الأوَّل یَستَلزِم الوُصوْلَ إلَی المَطلوْب، بخِلافِ الثَّانيْ؛ فإنَّ الدَّلالَة عَلیٰ ’’مَایُوصِل۵إلَی المَطلوْب‘‘ لاتُلزِم أنْ تَكوْن مُوصِلَة إلیٰ مَایُوصِل، فكیْفَ تُوصِل إلی المَطلوْبِ! والأوَّل مَنقوْض بقَوْله تَعالیٰ: {وَأَمَّا ثَمُوْدُ فَھدَیْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوْا الْعَمَی عَلَی ۱ -۱ قولهٗ: (أي الإیصال إلی المطلوب) لمَّا كان الإیصال إلیٰ المطلوب لازماً للھدایة بھٰذا المعنیٰ، فسّرھا به، تنبیھاً علیٰ ذٰلك۔(عبد) ۱ -۲ قولهٗ:(أي الإیصال إلخ) لمَّا كان للمُتوھِّم أن یَتَوَھَّم: أنّ المعنی الأول هو: إراءة الطریق الموصِلةُ في الواقع، من دون الإیصال بأخذ الید أو غیره، -مع أنه لیس كذٰلك؛ بل ھو المعنیَ الأول، أي: الإیصالُ إلیٰ مُرامٍ-، احتاج المحشي إلَی التفسیر۔.(محمد عبد الحي) ۲ قولهٗ:( وقیل ھي إراءة إلخ) ’’المذكور‘‘ في كلام المشایخ: ’’إنّ الھدایة عندنا: خلقُ الاھتداء‘‘ أي: راه یافتن؛ ومثل ’’ھداه الله فلم یھتدي‘‘ مجاز عن الدلالة والدعوة إلَی الاھتداء. وعند المعتزلة ’’بیان طریق الصواب‘‘، وھو باطل؛ لقوله تعالیٰ: {إِنَّكَ لاتَھْدِيْ مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص:۵۶]، ولقول النبيﷺا: ’’اللّٰھُمَّ اھْدِ قَوْمِيْ فَإنَّھُمْ لایَعْلَمُوْنَ‘‘ مع أنه بیّن الطریق ودعاھم إلَی الاھتداء.۔ و’’المشھور‘‘: أن الھدایة عند المعتزلة: ’’الدلالة الموصِلة إلَی المطلوب‘‘۔؛ وعندنا: ’’الدلالة علیٰ طریق یوصل إلَی المطلوب سواء حصل الوصول والاھتداء أولم یحصل‘‘۔. (شرح عقائد النسفیة) ۳ قولهٗ: (الموصِل إلی المطلوب): أي الھدایة عند الأشاعرة: إراءة الطریق الموصِلِ في نفس الأمر إلَی المطلوب، فالإیصال في هٰذا المعنیٰ صفة الطریق، لا صفة الإراءة، حتیّٰ یكون الإیصال لازماً لھا؛ وھٰذا ھو منشأ الفرق.(شاه جھاني)محمد إلیاس ۴قولهٗ:(والفرق بین هٰذین المعنیین) حاصل الفرق: أنّ الوصول لازم للمعنیَ الأول؛ لكونه مطاوِعاً للإیصال، كالانكسار للتكسیر، فیكون أخص فیختص بالمؤمن؛ دون المعنَی الثاني؛ فإنّ الدلالة علَی الطریق لاتستلزم الوصول إلیه، فضلاً عنه إلَی المطلوب؛ فیكون أعم، فیشمل المؤمن والكافر جمیعا۔. ۵قولهٗ: (فإنّ الدلالة علیٰ ما یوصل) المراد بالإیصال -في كلا المعنیین-: الإیصالُ بالفعل، ضرورةَ أنّ الإیصال بالقوَّة لیسَ إیصالا في الحقیقة؛ ولو كان المراد الإیصال مطلقاً لم یكن بین المعنیین فرق تحققاً؛ إلا أنّه في الأول صفة الدلالة، وفي الثاني صفة الطریق.