شرح تہذیب مع تعلیقات جدیدۃ من الحواشی المعتبرۃ |
رح تهذی |
|
فقَد ثَبَت احتِیاج النَّاس۱إلَی المَنطِق في العِصْمَة عنِ الخَطَأ في الفِكر بِثَلاث۲ مُقدَّمات: الأوْلیٰ: أنّ العِلْم إمّا تَصوُّر أو تَصدِیق۳؛ والثانیَة: أنّ كلاً منھما إمّا أنْ یَحصُل بلانَظْر، أوْ یحصُلَ بالنَّظْر؛ والثالثَة: أنّ النَّظْر قدْ یَقَع فیْه الخَطأ؛ فھذه المُقدَّمات الثلاثُ تُفیْد اِحتِیَاج النّاس في التَّحَرُّز عنِ الخَطأ فيْ الفِكْر إلیٰ قَانوْن، وذٰلك ھوَ المَنطِق.۔ وعُلِم مِن هٰذا تَعرِیفُ المَنطِق۴أیْضاً، بأنَّــه: قانوْن یَعصِم مُراعاتُهُ الذِّھنَ عَن الخَطأ في الفِكْر۔. ۱ قولهٗ: (فقد ثبت احتیاج -إلی قوله:- بثلاث مقدمات) ومن هٰهنا یندفع الاِعتراض بأن المقدمة في أمور ثلاثة: رسم المنطق، وبیان الحاجة إلیه، وموضوعه؛ فالاشتغال في المقدمة ببیان تقسیم العلم -إلی التصور والتصدیق، وتقسیم كل واحد منهما إلی: الحاصل بلانظر والحاصلِ بنظر، وإن النظر قد یقع فیه الخطأ- اشتغالٌ بما لیس بمقصود في المقدمة.(شاه) ۲ قولهٗ: (بثلٰث مقدمات) فیه أنّ ھٰھنا مقدَّمة رابعة، وھو: أنَّ الفِطرَة الإنسانیة لا تكفي في العصمة عن الخطأ؛ إذ لو كفَتْ فلاحاجة إلی المَنطق؟ والجواب: أنّ هٰذه المقدمة داخلة في الثانیة؛ فإنّ معناھا أنّ النظر قد یقع فیه الخطأ عن العُقلاء الطالبین للصَّواب الھاربین عن الخطأ، وھٰذا لایُتَصَوَّر إلا علیٰ تقدیر عدم كفایة الفطرة، كذا قیل.۔(عح بزیادة یسیر) ۳ قولهٗ: (الأولی أنَّ العلم إما تصور أو تصدیق) فإنْ قیل: لاحاجةَ في إثبات الاحتیاج إلی المنطق إلیٰ تقسیم العلم إلیھما؛ فإنّ تقسیمَه إلی الضروريِّ والنظريِّ ووقوعَ الخطأ في النظْر یکفي في ذٰلك الإثبات؟ والجواب: أنّ المقصودَ بیان الإحتیاج إلیٰ قسمَيْ علم المنطق-أعني: الموصِلَ إلی التصور والموصِلَ إلی التصدیق-، إذ لو لَمْ یقسَّم العلم أوَّلا إلی التصور والتصدیق ولم یُبَیَّن أنّ كلاً منھما ضروري ونظري، لجاز أنْ یكون التصورات بأسرها ضروریة أو التصدیقات بتمامھا ضروریة، فلا تكون محتاجة إلی الموصِل إلی التصور والموصِل إلی التصدیق، فلایثبت الاحتیاج إلی جزئَيْ عِلْمِ المنطق، وقد عرفتَ أنّ المقصود ذٰلك.۔(عن) (۱) قولهٗ:(تعریف المنطق) ثم الرَّسْم المشھور للمنطق: أنه آلةٌ قانونیة تَعصِم الذِّھنَ عن الخطأ في الفكر، وإنما كان آلةً؛ لأن الآلةَ ما لایكون مقصوداً بالذات؛ بل یقصد إلیھا لتحصیل الغیرِ، والمنطق كذٰلك؛ لأنه یعصِم في المَطالب العلمیة۔. ومسائله: قوانین كلیة منطبقة علیٰ سائر جزئیَّاته، كما إذا عرفنا ’’أن كل ضروریة سالبة تنعكس سالبة دائمة‘‘، عَرَفْنَا أنّ قولنا: ’’لاشيء من الإنسان بحجر بالضرورة‘‘، ینعكس إلیٰ ’’لاشيء من الحجر بإنسان دائما‘‘.۔ وإنّما كان هٰذا التعریف رسماً لا حداً له؛ لأنّ كونهٗ ’’آلة‘‘ عارِضٌ من عوارضه، والتعریف بالعارض ’’رسم‘‘ علیٰ ما ستعرفه في بحث المعرّفات۔. (شیخ)