وَلَا عَرَضاً ، لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوْتِ مَعَانِي هَذِهِ الْأَسَامِيْ فِيْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ هَذِهِ الْأَسَامِيْ عَلَى اللهِ تَعَالَى لَا لِهَذِهِ الْمَعَانِيْ فَهُوَ بَاطِلٌ ، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الاسْمِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِطَرِيْقِ الْـمَجَازِ ، وَشَرْطُهُ أَن يَّكُونَ بَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيْقَةِ وَالْـمَجَازِ نَوْعُ مُشَابَهَةٍ ، وَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ بِوَجْهٍ مِّنَ الْوُجُوهِ ، فَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ هَذِهِ الْأَسَامِيْ فِيْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى، لَا حَقِيْقَةً وَلَا مَجَازاً ، وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ .
اَلْقَوْلُ فِي تَوْحِيْدِ الصَّانِعِ
قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا شَرِيْكَ لَهُ ، وَخَالَفَهُمْ فِيْ ذَلِكَ اَلثَّنَوِيَّةُ وَالْـمَجُوسُ وَالنَّصَارَى وَالطَّائِعِيَّةُ وَالْأَفْلَاكِيَّةُ.
فَزَعَمَتِ الثَّنَوِيَّةُ وَالْـمَجُوسُ أَنَّ الصَّانِعَ اثْنَانِ: أَحَدُهُمَا خَالِقُ الْخَيْرِ ، وَالثَّانِيْ خَالِقُ الشَّرِّ ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْهُمَا بِيَزْدَانَ وَأَهْرِمَنْ ، وَبَعْضُهُمْ بِالنُّوْرِ وَالظُّلْمَةِ.
وَزَعَمَتِ النَّصَارَى أَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، وَعَبَّرُوْا عَنْهُ بِالْأَقَانِيْمِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ ذَاتٌ وَعِلْمٌ وَحَيَاةٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَبٌ وَهُوَ اللهُ ، وَابْنٌ وَهُوَ عِيْسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَوْجَةٌ وَهِيَ مَرْيَمُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهَا.
وَزَعَمَتِ الطَّائِعِيُّوْنَ أَنَّ الصَّانِعَ أَرْبَعَةٌ: الْحَرَارَةُ، وَالْبُرُودَةُ، وَالرُّطُوبَةُ، وَالْيُبُوسَةُ.
وَزَعَمَتِ الْأَفْلَاكِيَّةُ أَنَّهُ سَبْعَةٌ : زُحْلٌ ، وَالْمُشْتَرِيْ وَالْمِرِّيْخُ وَالزُّهْرَةُ وَعُطَارِدُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.
وَهَذِهِ الْفِرَقُ كُلُّهَا هُمُ الْمُنْكِرُونَ لِلصَّانِعِ عَلَى الْحَقِيْقَةِ، جَلَّ جَلَالُهُ، فَإنَّ الصَّانِعَ لَا بُدَّ وَأَن يَّكُونَ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا الْوَاحِدُ، وَصِحَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّانِعُ اثْنَيْنِ، فَإذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا خَلْقَ الْحَيَاةِ فِيْ جِسْمٍ وَأَرَادَ الْآخَرُ خَلْقَ الْمَمَاتِ فِي ذََلِكَ الْجِسْمِ، فَإِمَّا أَنْ تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا أَوْ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَنَفَاذُ إِرَادَتِهِمَا مَحَالٌ، وَلَوْ نَفَذَتْ إِرَادَةُ أَحَدِهِمَا دُوْنَ الْآخَرِ صَارَ الَّذِيْ تَعَطَّلَتْ إِرَادَتُهُ مَقْهُوراً، وَالْمَقْهُورُ لَا يَكوُنُ إِلَهاً.