لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي حَقٍّ أَبِي جَهْلٍ لِأَنَّه يَقُولُ فَعَلَ بِكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَايَةَ مَا فِي مَقْدُورِهِ مِنَ الْأَصْلَحِ وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى سُؤَالِ الْعِصْمَةِ وَالْمَعُونَةِ وَالتَّوْفِيقِ مِنَ اللهِ تَعَالَى فَإِنْ اَتَاهُمْ ذَلِكَ فَسُؤَالُهُمْ سَفَهٌ وَإِنْ لَمْ يُؤْتِهِمْ فَقَدْ فَعَلَ بِهِمُ الْمَفْسَدَةَ وَكَذَا سُؤَالُ دَفْعِ الْمَرَضِ وَكَشْفِ الضُّرِّ جَائِزٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ وَالْبَلاءُ مَصْلِحَةً فَسُؤَالُ إِزَالَتِهِمَا طَلَبُ الْمَفْسَدَةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوالُ مَصْلِحَةً فَقَدْ فَعَلَ بِهِمُ الْمَفْسَدَةَ ۔
وَالَّذِي يُظْهِرُ عَوَارَ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ عِنْدَهُمْ لَمَّا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى الْكَافِرَ غَايَةَ مَا فِي مَقْدُورِهِ مِنَ الاسْتِعْدَادِ وَالتَّمَكُّنِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّه لَيْسَ فِي مَقْدُورِهِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْأَصْلَحَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُؤْمِنَ بِاخْتِيَارِهِ فَيَسْعَدُ لَا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْإيمَانِ وَلَا يُؤْمِنَ فَيَشْقَى فَإِذَنْ عَلَى زَعْمِهِمْ فَعَلَ اللهُ تَعَالَى بِعَبْدِهِ مَا هُوَ الأَفْسَدُ فِي حَقِّهِ لَا مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُ وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي ۔
القَوْلُ فِي الْأَرْزَاقِ
قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ مَا يَأْكُلُهُ الْإِنْسانُ فَهُوَ رِزْقُهُ حَلالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْحَرامُ لَيْسَ بِرِزْقٍ وَهَذَا الاخْتِلَافُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْمَ الرِّزْقِ عِنْدَنَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَتَغَذَّى بِهِ الْحَيُّ وَعِنْدَهُمْ عَلَى الْمُلْكِ خَاصَّةً وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّه يُؤَدِّي