الْحَسَنَاتِ ، فَكُلُّ مَعْصِيَةٍ إِنْ أُضِيفَتْ إِلَى مَا فَوْقَهَا فَهِيَ صَغِيرَةٌ ، وَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى مَا دُوْنَهَا فَهِيَ كَبِيرَةٌ ، فَالْكَبِيرَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الْكُفْرُ ، إِذْ لَا ذَنَبَ أَكْبَرُ مِنْه ، وَمَا عَدَاه صَغِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْه ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِه تَعَالَى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْه نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) ، يَعْنِي وَاللهُ أَعْلَمُ ، إِنْ تَجْتَنِبُوا الْكُفْرَ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ مَا دُوْنَهُ ، كَقَوْلِه تَعَالَى : ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَمِنْ يَشَاءُ ) ، وَذِكْرُ الْجَمْعِ فِي الْكَبَائِرِ مُقَابِلٌ بِذَكَرِ جَمْعِ الْمَنْهِيِّينَ ، فَيُوجِبُ انْقِسَامَ الأَحَادِ عَلَى الأَحَادِ ، كَقَوْلِهِمْ : رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ وَلَبِسُوا ثِيابَهُمْ ، عَلَى أَنَّه قَدْ قُرِىءَ :( كَبِيرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْه ) بِلَفْظِ الْفَرَدِ ، فَيَزُولُ الإِشْكَالُ ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَالهَادِيْ
القَوْلُ فِي الْإيمَانِ وَالْإِسْلامِ
اتَّفَقَ اَهلُ الْقِبْلَةِ، كَثَّرَهُمُ اللهُ تَعَالَى ، عَلَى أَنَّ الْإيمَانَ بِاللهِ تَعَالَى فَرْضٌ ، وَالْكُفْرَ بِهِ حَرامٌ ، لِكَنَّهُمْ اخْتَلَفُوْا أَنَّ وُجُوبَهُ بِالْعَقْلِ أَمْ بِالسَّمْعِ ؟ فَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَوْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ هَلْ يُعَاقَبُ أَمْ لَا ؟
ذَكَرَ الْحاكِمُ الشَّهِيدُ فِي " الْمُنْتَقَى " عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْه أَنَّه قَالَ
لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِخَالِقِهِ ، لَمَّا يَرَى مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِ وَخَلْقِ نَفْسِهِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا : لَوْ لَمْ يَبْعَثِ اللهُ رَسُولًا لَوَجَبَ عَلَى الْخَلْقِ مَعْرِفَتَهُ بِعُقُولِهِمْ ، وَقَالَتْ الأَشْعَرِيَّةُ : لَا يَجِبُ بِالْعَقْلِ شَيْءٌ ، وَلَكِنْ يُعْرَفُ بِهِ