Deobandi Books

البداية في أصول الدين- یونیکوڈ - غیر موافق للمطبوع

5 - 78
وَأَنْكَرَتِ الدَّهْرِيَّةُ وَالثَّنَوِيَّةُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ كَوْنَ الْأَعْرَاضِ مَعَانِيَ وَرَاءَ الذَّاتِ ، وَهُوَ قَوْلٌ فَاسِدٌ ، بِدَلِيْلِ أَنَّ الشَّعْرَ الْأَسْوَدَ إِذَا أَبْيَضَّ صَحَّ أَنْ يُّقَالَ : هَذَا الشَّعْرُ عَيْنُ ذَلِكَ الشَّعْرِ ، وَالْبَيَاضُ غَيْرُ السَّوَادِ بِالاتِّفَاقِ ، ثُمَّ نَقُولُ : لَوْ كَانَ الشَّعْرُ الْأَسْوَدُ أَسْوَدَ لِذَاتِهِ لَمَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ مَعْ قِيَامِ الذَّاتِ الْمُوْجِبِ لِلسَّوَادِ ، وَمَتَى صَارَ أَبْيَضَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ لِمَعْنَى ، حَتَّى تَغَيَّرَ بِتَغَيُّرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى . وَأَمَّا الْقَدِيمُ فَهُوَ مَا لَا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ ، وَالْحَادِثُ مَا لَمْ يَكُنْ فَكَانَ . إِذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُوْلُ : أَلْأَعْيَانُ لَا يُتَصَوَّرُ خُلُوُّهَا عَنِ الْأَعْرَاضِ ، وَهِيَ حادِثَةٌ ، فَإِنَّ الْجَوَاهِرَ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهَا إِلَّا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً ، وَكَذَا الْمُمْكِنُ فِي زَمَانِ الْبَقَاءِ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا سَاكِنًا أَوْ مُتَحَرِّكاً ، فَإِنَّ  السُّكُونَ كَوْنَانِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ ، وَالْحَرَكَةَ كَوْنَانِ فِي مَكَانَيْنِ ، وَحُدُوْثُ الْحَرَكَةِ ثَابِتٌ بِالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ ، وَحُدُوْثُ السُّكُونِ ثَابِتٌ بِدَلَالَةِ انْعِدَامِهِ بِوُجُوْدِ الْحَرَكَةِ ، إِذِ الْقَدِيمُ لَا يَنْعَدِمُ . وَإِذَا لَمْ يُتَصَوَّرْ خُلُوُّ الْأَعْيَانِ عَنْ الْإِعْرَاضِ وَأَنَّهَا حَادِثَةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ سَبْقُهَا عَلَى الْحَوَادِثِ ، لِأَنَّ فِي السَّبْقِ الْخُلُوَّ لَا مِحَالَةَ : وَدَلَالَةٌ اسْتِحَالَةٌ بَقَاءُ الْأَعْرَاضِ تَاتِي فِي مَسْأَلَةِ الاسْتِطَاعَةِ ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، وَكُلُّ مَا لَا يَسْبِقُ الْحَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ ضَرُوْرَةً ، لِمُشَارَكَتِهِ الْمُحْدَثَ حِيْنَئِذٍ ، فَإِذَا كَانَ حَادِثًا كَانَ مَسْبُوْقَ الْعَدَمِ ، وَمَا سَبَقَهُ الْعَدَمُ لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ لِذَاتِهِ ، وَيَسْتَوِي فِي الْعَقْلِ إِمْكَانُ وُجُوْدِهِ وَعَدَمِهِ ، فَلاَ بُدَّ مِنْ مُخَصِّصٍ يُرَجِّحُ أَحَدَ الْجَائِزَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، وَيَجِبُ أَنْ يَّكُونَ وَاجِبَ الْوُجُوْدِ لَا جَائِزَ الْوُجُوْدِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزَ الْوُجُوْدِ لَاحْتَاجَ إِلَى مُخَصِّصٍ ، وَذَلِكَ إِلَى آخَرَ ، إِلَى أَنْ يَتَسَلْسَلَ أَوْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَنْ هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ ، وَهُوَ الصَّانِعُ جَلَّ جَلَالُهٗ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ ثَبَتَ أَنَّهُ قَدِيْمٌ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ وُجُودُهُ بِغَيْرِهِ ، فَكَانَ وُجُودُهُ لِذَاتِهِ ، فَيَسْتَحِيْلُ عَدَمُهُ ، لِوُجُودِ ذَاتِهِ الْمُوْجِبِ لِوُجُوْدِهِ أَزْلًا وَأَبَدًا . وَعُرِفَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللهُ تَعَالٰى جَوْهَرًا وَلَا جِسْمًا ۔
x
ﻧﻤﺒﺮﻣﻀﻤﻮﻥﺻﻔﺤﮧﻭاﻟﺪ
1 فہرست 1 0
2 البِدَايَةُ فِيْ أُصُوْلِ الدِّيْنِ 1 1
3 القَوْلُ فِيْ مَدَارِكِ العُلُوْمِ 1 1
4 الْقَوْلُ فِيْ حَدَثِ الْعَالَمِ وَوُجُوْبِ الصَّانِعِ 4 1
5 اَلْقَوْلُ فِي تَوْحِيْدِ الصَّانِعِ 6 1
6 اَلْقَوْلُ فِي تَنْزِيهِ الصَّانِعِ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ 8 1
7 القَوْلُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ 10 1
8 اَلْقَوْلُ فِي الْاِسْمِ وَالْمُسَمَّى 13 1
9 اَلْقَوْلُ فِيْ نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ وَالتَّشْبِيْهِ 14 1
10 القَوْلُ فِي أَزَلِيَّةِ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى 16 1
11 الْقَوْلُ فِي التَّكْوِيْنِ وَالْمُكَوَّنِ 20 1
12 القَوْلُ فِي جَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى 23 1
13 فَصْلٌ 28 1
14 اَلْقَوْلُ فِي الْإِرَادَةِ 28 1
15 اَلْقَوْلُ فِيْ إثْبَاتِ الرُّسُلِ 30 1
16 فَصْلٌ 32 1
17 القَوْلُ فِي خَوَاصِّ النُّبُوَّةِ 38 1
18 القَوْلُ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ 39 1
19 اَلْقَوْلُ فِي الْإمَامَةِ وَتَوَابِعِهَا 41 1
20 فَصَلٌ فِي إمَامَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ 43 1
21 القَوْلُ فِيْ مَسَائِلِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيْرِ 46 1
22 القَوْلُ فِي الْاِسْتِطاعَةِ 47 1
23 القَوْلُ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِف 49 1
24 اَلْقَوْلُ فِي إِبْطَالِ التّوْلِيْدِ 53 1
25 الْقَوْلُ فِي تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ 54 1
26 فَصْلٌ 58 1
27 الْقَوْلُ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْأَصْلَحِ 59 1
28 القَوْلُ فِي الْأَرْزَاقِ 60 1
29 الْقَوْلُ فِي الْآجَالِ 61 1
30 القَوْلُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ 62 1
31 الْقَوْلُ فِي الْهُدى وَالْإِضْلاَلِ 64 1
32 الْقَوْلُ فِي أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ 65 1
33 فَصْلٌ 68 1
34 الْأُوْلَى مَسْأَلَةُ الشَّفَاعَةِ . 68 1
35 الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْعَفْوِ عَنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ ، هَلْ يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ أَمْ لَا ؟ 68 1
36 الثَّالِثَةُ أَنَّ الظُّلْمَ وَالسَّفَهَ وَالْكَذِبَ هَلْ هِيَ مَقْدُوْرَةٌ لِلّهِ تَعَالَی أَمْ لَا ؟ 69 1
37 الرَّابِعَةُ بَيَانُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ 69 1
38 القَوْلُ فِي الْإيمَانِ وَالْإِسْلامِ 70 1
39 القَوْلُ فِي حَقِيقَةِ الْإيمَانِ 72 1
40 الْقَوْلُ فِي إيمَانِ الْمُقَلِّدِ 74 1
41 فَصْلٌ 75 1
42 القَوْلُ فِيمَا وَجَبَ الْإيمَانُ بِهِ بِالسَّمْعِ 76 1
Flag Counter