الْقَوْلُ فِيْ حَدَثِ الْعَالَمِ وَوُجُوْبِ الصَّانِعِ
الْعَالَمُ اسْمٌ لِمَا سِوَى اللهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ عَلَمٌ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَهُوَ قِسْمَانِ أَعْيَانٌ وَأَعْرَاضٌ فَالْأَعْيَانُ مَا تَقَوْمُ بِنَفْسِهَا وَيَصِحُّ وُجُودُهَا لَا فِي مَحَلٍّ وَالْأَعْرَاضُ مَا تَقَوْمُ بِغَيْرِهَا وَلَا يُعْقَلُ خُلُوُّهَا عَنِ الْمَحَلِّ ثُمَّ الْأَعَيَانُ قِسْمَانِ مُفْرَدٌ وَيُسَمَّى جَوْهَرًا وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِيْ لَا يَتَجَزَّأُ وَمُرَکَّبٌ وَيُسَمَّى جِسْمًا وَأَقَلُّهُ جَوْهَرَانِ وَأَنْكَرَتِ الْفَلاَسِفَةُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ الْجُزْءَ الَّذِيْ لَا يَتَجَزَّأُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّيْ إِلَى أَنْ تَكَوْنَ أَجْزَاءُ الْخَرْدَلَةِ مُسَاوِيَةً لِأَجْزَاءِ الْجَبَلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَنَاهَى وَلِأَنَّ الاجْتِمَاعَ لَمَّا كَانَ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى فِيْ أَجْزَاءِ الْجِسْمِ نُقُوْلُ هَلْ يَقْدِرُ اللهُ عَلَى خَلْقِ الافْتِرَاقَ بَدَلًا عَنْ الاجْتِمَاعِ أَمْ لَا إِنْ قُلْتَ لَا یَقْدِرُ فَقَدْ وَصَفْتَهُ بِالْعَجْزِ ۔ وَإِنْ قُلْتَ يَقْدِرُ فَقَدْ ثَبَتَ الْجُزْءُ الَّذِيْ لَا يَتَجَزَّأُ ۔
وَأَمَّا الْجِسْمُ عَنْدَ بَعْضِ الحُسَّابِ فَهُوَ مَا لَهُ أَبْعَادٌ ثَلَاثَةٌ الطُّوْلُ وَالْعَرْضُ وَالْعُمْقُ وَعِنْدَنَا تَرَكُّبُ الْجَوْهَرَيْنِ يَكْفِيْ لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِسْمِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهٗ لَوْ زَادَ الْجَوْهَرُ الْوَاحِدُ عَلَى أَحَدِ الْأَبْعَادِ الثَّلاثَةِ مِنْ أَحَدِ الْجِسْمَيْنِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ هَذَا أَجْسَمُ مِنْهٗ وَلَوْ لَا أَنَّ أَصْلَ التَّرَكُّبِ يَكْفِيْ لِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِسْمِ عَلَيْهِمَا لَمَا صَحَّ التَّرْجِيْحُ بِكَوْنِهِ أَجْسَمَ مِنْهُ بِزِيَادَةِ بُعْدٍ وَاحِدٍ فَالْحَدُّ الصَّحِيحُ لِلْجِسْمِ هُوَ الْمُتَرَكَّبَانِ فَصَاعِدًا أَوِ الْمُجْتَمَعَانِ فَصَاعِدًا وَأَمَّا الْعَرَضُ فَهُوَ اسْمٌ لِمَا لَا دَوَامَ لَهُ فِيْ اللُّغَةِ وَحَدُّهُ مَا يَقُومُ بِغَيْرِهِ وَلَا دَوَامَ لَهُ وَأَنْوَاعُهٗ نَيَّفَ وَثَلَاثُونَ مِثْلُ الْأَلْوَانِ وَالْأَكْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالرَّوَائِحِ وَالْأَصْوَاتِ وَالْقُدَرِ وَالْإِرَادَاتِ ۔