سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) ، وَيُوضِحُهُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى رَدَّ عَلَى مَنْ حَكَمَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ المُسِيءِ وَالْمُحْسِنَ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ))
وَالْفَرْقُ لِأَصْحَابِنَا بَيْنَ الْكُفْرِ وَسَائِرِ الذُّنُوبِ أَنَّ الْكُفْرَ نِهَايَةٌ فِي الْجِنَايَةِ وَأَنَّه مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْإبَاحَةَ وَرَفْعَ الْحُرْمَةِ، فَكَذَا لَا يَحْتَمِلُ الْعَفْوَ وَرَفْعَ الْغَرَامَةِ، وَلِأَنَّ الْكَافِرَ يَعْتَقِدُهُ حَقاً وَصَوابًا، وَلَا يَطْلُبُ لَهُ عَفْوًا وَمَغْفِرَةً، فَلَمْ يَكُنِ الْعَفْوُ عَنْه حِكْمَةً وَلِأَنَّ الْكُفْرَ اعْتِقَادُ الْأَبَدِ فَيُوجِبُ جِزَاءَ الْأَبَدِ، بِخِلاَفِ سَائِرِ الذُّنُوبِ ۔
الثَّالِثَةُ أَنَّ الظُّلْمَ وَالسَّفَهَ وَالْكَذِبَ هَلْ هِيَ مَقْدُوْرَةٌ لِلّهِ تَعَالَی أَمْ لَا ؟
فَعِنْدَنَا هى مُسْتَحِيلَةٌ، لَا يُوصَفُ اللهُ تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ عَلَيهَا، خِلاَفًا لِلْمُعْتَزِلَةِ ، فَإِنهَّمْ قَالُوا : يَقْدِرُ وَلَا يَفْعَلُ ، وَإِنَّه فَاسِدٌ ، لِأَنَّ مَا كَانَ مَقْدُورًا لَهُ جَازَ أَنْ يُوصَفَ بِهِ ، وَإِنَّه مَحَالٌ ، وَلِأَنَّه لَوْ جَازَ مِنْه إِمَّا أَنْ يَجُوزَ مَعَ بَقاءِ صِفَةِ الْعَدْلِ أَوْ مَعَ زَوالِهَا ، لَا وَجْهَ إِلَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّ فِيه اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ، وَلَا وَجْهَ إِلَى الثَّانيِ ، لِأَنَّ الْعَدْلَ وَاجِبٌ لِلهِ تَعَالَى فَيَسْتَحِيلُ عَدَمُهُ ۔
الرَّابِعَةُ بَيَانُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ
قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : كُلُّ مَا عَصَى الْمَرْءُ بِهِ اللهَ تَعَالَى فَهُوَ كَبِيرَةٌ ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا نَصَّ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ، قَالَ اللهَ تَعَالَى : ( لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا )
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَا أَصَرَّ الْمَرْءُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ ، وَمَا اسْتُغْفِرَ مِنْه فَهُوَ صَغِيرَةٌ
وَالْحَقُّ فِيه أَنَّ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ اسْمَانِ إِضَافِيَانِ لَا يُعَرَّفَانِ بِذَاتَيْهِمَا ، كَمَا فِي