فَإِنْ قِيلَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ وَاحِدٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيه الزِّيادَةُ
قُلْنَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الزِّيادَةِ أَنَّه كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ تَعَالَى أَنَّه لَوْ لَا صِلَةُ الرَّحِمِ لَكَانَ عُمْرُهُ مَثَلًا خَمْسِينَ سَنَةً وَلَكِنَّه عَلِمَ أَنَّه يَصِلُ رَحِمَهُ وَيَكُونُ عُمُرُهُ سَبْعِينَ سَنَةً وَالْمَحْكُومُ وَالْمُرَادُ أَنَّه يَصِلُ وَيَعِيشُ إِلَى السَّبْعِيْنَ سَنَةً فَسُمِّيَ هَذَا الْعِشْرُونُ زِيادَةً بِصِلَةِ الرَّحِمِ بِنَاءً عَلَى عِلْمِهِ أَنَّه لَوْلَاهَ لَكَانَ عُمْرُهُ خَمْسِينَ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى كَمَا يَعْلَمُ الْمَعْدُومَ الَّذِي يُوجَدُ أَنَّه كَيْفَ يُوجَدُ يَعْلَمَ الْمَعْدُومَ الَّذِي لَا يُوجَدُ أَنَّه لَوْ وُجِدَ كَيْفَ يُوجَدُ كَمَا أَخَبَرَ عَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيا لَعَادُوا إِلَى كُفْرِهُمْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يُرَدُّونَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) وَاللهُ الْمُوَفِّقُ ۔
القَوْلُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ
قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ نَصَرَهُمُ اللهُ أَفْعَالُ الْخَلْقِ وَأَحْوَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ كُلُّهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِه وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْمَعَاصِي لَيْسَتْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِه كَمَا قَالُوا فِي الْإِرَادَةِ وَهِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ ۔
فَنَقُولُ كُلُّ مَا كَانَ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى وَإِرَادَتِهِ فَهُوَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِه لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْفِعْلِ مَعَ زِيادَةِ إحْكَامٍ ۔ كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا داوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوابِغَ تُبَّعُ