إِلَى الْخِلْفِ فِي وَعْدِ اللهِ تَعَالَى فِي إِيْفَاءِ الرِّزْقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا ) وَالدَّوَابُّ لَا يُتَصَوَّرُ لَهَا الْمُلْكُ وَرُبَما يَأْكُلُ الْإِنْسانُ فِي عُمُرِهِ الْحَرامَ وَلَيْسَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّه لَمْ يَأْكُلْ رِزْقَ اللهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ إِذَا كَانَ الْحَرامُ رِزْقَ اللهِ تَعَالَى فَلِمَ يُعَاقِبُ عَلَى أَكْلِهِ
قُلْنَا بِنَاءً عَلَى مُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ وَقَصْدِهِ وَاخْتِيَارِهِ ذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ الرِّزْقَ مُطْلَقًا وَأَمَرَ الْعَبْدَ بِطَلَبِهِ عَنْ وَجْهِ حِلِّهِ بَقَولِهِ تَعَالَى ( كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا ) فَإِذَا طَلَبَهُ بِحِرْصِهِ وَهَوَاهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ يُوصِلُهُ اللهُ إِلَيه مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَكِن يُعَاقِبُهُ عَلَى سُوءِ اخْتِيَارِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْمُتَوَلِّدَاتِ : إِنَّ الْمَوْتَ فِي الْمَقْتُولِ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى وَلَكِنْ يُعَاقِبُ الْقَاتِلَ عَلَى مُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ وَقَصَدِه ذَلِكَ وَاللهُ الْمُوَفِّقُ
الْقَوْلُ فِي الْآجَالِ
قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ نَصَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى المَقْتُولُ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ لَا أَجَلَ لَه سِوَى ذَلِكَ وَالْقَتْلُ فِعْلُ الْقَاتِلِ قَائِمٌ بِهِ وَالْمَوْتُ قَائِمٌ بِالْمَيِّتِ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى فِيه عَقِيبَ فِعْلِ الْقَاتِلِ
وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ المَقْتُولُ مَقْطُوعٌ عَلَيْهِ أَجَلُهُ لَوْ لَا الْقَتْلُ لَعَاشَ إِلَى أَجَلِهِ وَقَالَ الْكَعْبِيُّ لَهُ أَجَلَانِ الْقَتْلُ أَوِ الْمَوْتُ وَعِنْدَه الْمَقْتُولُ لَيْسَ بِمَيِّتٍ وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى حَكَمَ بِآجَالِ الْعِبَادِ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْهُمْ وَأَرَادَ وَلَا تَرَدُّدَ فِي عِلْمِ اللهِ تَعَالَى وَإِرَادَتِه وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ ۔