جَوْرٌ ، حِكْمَةٌ أَو سَفَهٌ ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ ، مُنَزَّهٌ عَنِ الْجَوْرِ وَالسَّفَهِ .
ثُمَّ اخْتَلَفُوْا فِي حَدِّ الْحِكْمَةِ وَالسَّفَهِ، قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: اَلْحِكْمَةُ مَا فِيْهِ مَنْفَعَةٌ لِلْفَاعِلِ أَو لِغَيْرِهِ، وَالسَّفَهُ ضِدُّ ذَلِكَ ، وَقَالَتِ الْأَشْعَرِيَّةُ : اَلْحِكْمَةُ مَا وَقَعَ عَلَى قَصْدِ فَاعِلِهِ ، وَالسَّفَهُ ضِدُّ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ رَحِمَهُمُ اللهُ: اَلْحِكْمَةُ مَا لَهُ عَاقِبَةٌ حَمِيْدَةٌ، وَالسَّفَهُ عَلَى ضِدِّهِ ، وَسَنُبَيِّنُ تَفْصِيْلَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ هَذَا إِنَّ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
القَوْلُ فِي الْاِسْتِطاعَةِ
الاسْتِطَاعَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ وَالطَّاقَةُ وَالْوُسْعُ أَسَمَاءٌ مُتَقَارِبَةٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، مُتَرَادِفَةٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِيْنَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ لِلْعِبَادِ فِي الْأَفْعَالِ الاِخْتِيَارِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، خِلاَفًا لِلْجَبَرِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : العَبْدُ مَجْرَى خَلْقِ اللهِ تَعَالَى ، كَالْْجَمَادَات، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ إِبْطَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيْدِ، وَرَفْعُ الشَّرَائِعِ ، وَإِنْكَارُ الْحِسِّ ، وَالضَّرُورَةِ، وَالتِحَاقٌ بِالسُّوْفَسْطَائِيَّةِ ، وَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَالضِّرَارِيَّةُ وَكَثِيْرٌ مِّنَ