وَإن لَّمْ يَكُنِ السَّيَلَانُ بِفِعْلِهِ حَقِيْقَةً وَلَكِنْ لَمَّا بَاشَرَ السَّبَبَ لِقَصْدِ حُصُولِ الْأَثَرِ أُضِيْفَ الْفِعْلُ إلَيْهِ فَكَذَا هَذَا ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِيْ.
الْقَوْلُ فِي تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ
قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللهُ لَا يَجُوزُ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يُكَلِّفَ عِبَادَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ وُجُودُهُ مِنْهُمْ خِلاَفًا لِلْأَشْعَرِيَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ تَكْليفَ الْعَاجِزِ خَارِجٌ عَنِ الْحِكْمَةِ كَتَكْلِيْفِ الْأَعْمٰى بِالنَّظَرِ وَالْمُقْعَدِ بِالْمَشْيِ فَلَا يُنْسَبُ إِلَى الْحَكِيمِ جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ التَّكْلِيْفَ إِلْزَامٌ مَا فِيه كُلْفَةٌ لِلْفَاعِلِ ابْتِلاَءً بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَوْ امْتَنَعَ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَهَذَا إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ مِنْه لَا فِيمَا يَسْتَحِيلُ عَنْه
فَإِنْ قِيلَ قَالَ اللهُ تَعَالَى ( رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَمَا صَحَّ الاسْتِعاذَةُ عَنْه وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى لِلْمَلاَئِكَةِ ( أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ ) مَعَ عِلْمِهِ أَنَّه لَا عِلْمَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَكَذَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُصَوِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ۔
قُلْنَا فِي الْآيَةِ الْأُوْلىَ اسْتِعاذَةٌ عَنْ تَحْمِيلِ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ لَا عَنْ تَكْلِيفِهِ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمِلَه اللهُ تَعَالَى جَبَلًا أَوْ جِدارًا بِحَيْثُ لَا يُطِيقُهُ فَيَمُوتُ وَلَا يَجُوزُ اَن يُكَلِّفَهُ أَنْ يُحْمِلَ جَبَلَا أَو جِدارًا بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَ يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَوْ امْتَنَعَ يُعَاقُبَ عَلَيْهِ لِأَنَّه خَارِجٌ عَنِ الْحِكْمَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ حَقِيقَةً بَلْ خِطَابُ تَعجِيزٍ وَتَقْصِيرٍ تُوجِبُهُ صِيغَةُ الْأَمْرِ لِإِظْهَارِ عِجْزِهِمْ حَقِيقَةً وَإِنَّه جَائِزٌ وَكَذَا الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الصُّوَرِ لَيْسَ بِتَكْليفٍ أَيْضًا بَلْ هُوَ