أَنَّهَا تَنْفَكُّ عَنْه ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَلا يُصَدِّقُونَ ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَهَذَا الْخِلاَفُ فِيْمَنْ نَشَأَ عَلَى شَاهِقِ جَبَلٍ وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِي الْعَالَمِ وَلَا فِي الصَّانِعِ أَصْلًا ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ فَصَدَّقَهُ ، فَأَمَّا مَنْ نَشَأَ فِي بِلادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَبَّحَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ رُؤْيَةِ صَنَائِعِهِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ التَّقْليدِ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ
فَصْلٌ
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالْإقْرَارُ شَرْطُ إِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ ، فَإِذَا وُجِدَ التَّصْدِيقُ حَصَلَ الْإيمَانُ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيه الزِّيادَةُ وَالنُّقْصَانُ ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَيْثُ يَجْعَلُ الْأَعْمَالَ مِنَ الْإيمَانِ فَيَقُولُ بِزِيادَةِ الْإيمَانِ عِنْدَ زِيادَةِ الْأَعْمَالِ ، وَبِنُقْصَانِهِ حِينَ تَنْقُصُ وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( زَادَتْهُمْ إيمَانًا ) مُحْتَمَلٌ يَحْتَمِلُ الزِّيادَةَ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، حَيْثُ تَنْزِلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ آيَةٌ وَيَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ حُكْمٌ فَيَلْزَمُهُمُ الْإيمَانُ بِهِ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْجُمْلَةِ ، وَيَحْتَمِلُ الزِّيادَةَ مِنْ حَيْثُ تَجَدُّدِ الْأَمْثَالِ ، كَمَا فِي سَائِرِ الْأَعْرَاضِ ، وَزِيادَةَ ثَمَرَةِ الْإيمَانِ وَإشْراقِ نُوْرِهِ ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ
ثُمَّ مَنْ قَامَ بِهِ التَّصْدِيقُ وَالْإقْرَارُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ حَقًّا ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ : أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللهُُ ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَإِنَّ الاسْتِثْنَاءَ فِي الْإيمَانِ يَقْتَضِي الشَّكَّ أَوْ يَحْتَمِلُ