الْقَوْلُ فِي إيمَانِ الْمُقَلِّدِ
اخْتَلَفَ أَهْلُ الْقِبْلَةِ فِي صِحَّةَ إيمَانِ الْمُقَلِّدِ ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيانُ الثَّوْرِيُّ ، وَمَالِكٌ وَالأَوْزَاعِىُّ وَعَامَّةُ الْفُقَهاءِ وَأَهْلُ الْحَديثِ رَحِمَهُمُ اللهُ ، صَحَّ إيمَانُهُ وَلَكِنَّه عَاصٍ بِتَرْكِ الاسْتِدْلَالِ ، وَقَالَ الرُّسْتُغْفَنِيُّ وَالْحَلِيْمِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ شَرْطُ صِحَّةِ الْإيمَانِ أَنْ يَعْرِفَ صِحَّةَ قَوْلِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِدَلاَلَةِ الْمُعْجِزَةِ ، وَعِنْدَ الأَشْعَرِيِّ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ بِدَلَالَةِ الْعَقْلِ، وَلَيْسَ الشَّرْطُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْه بِلِسَانِهِ وَيُجَادِلَ خَصْمَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ ، مَا لَمْ يَعْرِف كُلَّ مَسْئَلَةٍ بِدَلالَةِ الْعَقْلِ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُهُ دَفْعُ الشُّبْهَةِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا
وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّ الإيْمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ مُطْلَقًا ، كَمَنْ أُخْبِرَ بِخَبَرٍ فَصَدَّقَهُ صَحَّ أَنْ يُقَالَ : آمَنَ بِهِ وآمَنَ لَهُ ، فَإذَا أُخْبِرَ الْمُقَلِّدُ بِمَا يَجِبُ الإيْمَانُ بِهِ فَصَدَّقَهُ كَانَ مُؤْمِنًا ، فَيَسْتَحِقُّ مَا وَعَدَ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَالْمَعْرِفَةُ غَيْرُ الإِيْمَانِ بِدَلِيلِ