قُلْنَا أَمَّا الْآيَةُ الْأُوْلَى فَتَعَذَّرَ إِجْرَاؤُهَا عَلَى عُمُومِهَا فَإِنَّ الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ لَمْ يَعْبُدُوهُ فَلَا بُدَّ مِنَ التَّأْوِيْلِ وَالتَّأْوِيْلُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ( إِلَّا لِيَكُونُوا عَبِيدًا لِي ) وَالثَّانِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ عَلِمَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَنْ يَعْبُدُوه لَا الْعُمُومَ وَاللهُ أَعْلَمُ ۔
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ الْمُرَادُ أَنَّه لَمْ يُرِدْ بِشَرْعِ الْإِفْطارِ فِي رَمَضانَ وَالْقَضَاءِ خَارِجَ رَمَضانَ الْعُسْرَ لِعِبَادِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْيُسْرَ
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ فَالْمُرَادُ أَنَّه لَا يُرِيدَ الظُّلْمَ لِعِبَادِهِ يَعْنِي لَا يَظْلِمُ عَلَيْهِمْ لَا أَنْ لَا يُرِيدَ ظُلْمَ الْعِبَادِ بَعْضِهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّه لَمْ يَقُلْ ظُلْمَ الْعِبَادِ بَلْ قَالَ ( ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ ( وَإِنْ أَسَأْتُم فَلَهَا ) أَيْ فَعَلَيهَا وَاللهُ الْهَادِي ۔
فَصْلٌ
ثُمَّ الْمَعْدُومُ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِرَادَةِ اللَّهِ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمُ اللهُ خِلاَفًا لِبَعْضِ النَّاسِ فَإِنَّ الْإِرَادَةَ تُلَازِمُ الْفِعْلَ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِلْإِرَادَةِ يَكُونُ حادِثًا وَالْمَعْدُومُ أَزَلِيٌّ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأُمَّةِ ( مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ) وَلَمْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ لَا يَكُونَ لَمْ يَكُنْ