قُلْنَا وَبِمَ عَلِمْتُمْ أَنَّ قَضَايَا الْعَقْلِ مُتَنَاقِضَةٌ إِنْ قُلْتُمْ بِالْعَقْلِ فَقَدْ نَاقَضْتُمْ حَيْثُ قُلْتُمْ عَلِمْنَا بِالْعَقْلِ أَنْ لَا يُعْلَمَ بِالْعَقْلِ شَيْءٌ وَإِنْ قُلْتُمْ بِالْخَبْرِ فَبِمَ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ صِدْقٌ أَمْ كَذِبٌ وَإِنْ قُلْتُمْ بِالْحِسِّ فَقَدْ عَانَدْتُمْ ثُمَّ نُقُوْلُ لَا تَتَنَاقَضُ قَضَايَا الْعُقُوْلِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُقَلاَءُ فِيْمَا بَيْنَهُمْ إِمَّا لِقُصُوْرِ عَقْلِهِمْ عَنْ بُلُوْغِ دَرَجَةِ النَّظَرِ أَوْ لِتَقْصِيْرِهِمْ فِيْ شَرَائِطِ النَّظَرِ فَيَحْکُمُ بَعْضُهُمْ بِالْهَوٰى وَالْظَنِّ وَيَدَّعِيْ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَقْلِ كَجَمَاعَةٍ سُئِلُوْا عَنْ كَمْ ثَلاثَةٍ فِيْ ثَلاثَةٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيْ جَوَابِهِمْ أَنَّهُ تِسْعَةٌ وَلَوْ سُئِلُوْا كَمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فِيْ ثَلاثَةَ عَشَرَ رُبَمَا یَخْتَلِفُ جَوَابُهُمْ فِي ذٰلِکَ لِمَا قُلْنَا لَا لِاخْتِلَافِ قَضِيَّةِ الْعَقْلِ فِيْ هٰذَا الْعَدَدِ ۔ وَاعْتَبَرَ هَذَا بِنَظَرِ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا يَخْتَلِفُ فِيْهِ النُّظَّارُ وَأَمَّا الْهِلاَلُ فِيْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَرُبَمَا يَقَعُ فِيْهِ الاخْتِلاَفُ إِمَّا لِقُصُورِ النَّظْرِ أَوْ لِتَقْصِيْرِ النَّاظِرِ فَكَذَا هَذَا ثُمَّ الْعُقُوْلُ مُتَفَاوَتَةٌ فِيْ أَصْلِ الْفِطْرَةِ عِنْدَنَا خِلاَفًا لِّلْمُعْتَزِلَةِ وَلَا وَجْهَ لِإِنْکَارِهٖ فَكَمْ مِنْ صَبِيٍّ صَغِيْرٍ تَسْتَخْرِجُ بِعَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ تَجْرِبَةٍ وَلَا تَعْلِيْمٍ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ الْبالِغُ الْكَبِيْرُ وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِنُقْصَانِ عَقْلِ النِّسَاءِ حَيْثُ قَالَ إِنَّهُنَّ نَاقِصَاتُ الْعَقْلِ وَالدِّيْنِ وَكَذَا أَقَامَ الشَّارِعُ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ مَقَامَ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِنُقْصَانِ آلَةِ الضَّبْطِ وَهُوَ الْعَقْلُ وَلٰکِنْ مَعْ هَذَا قَدْرُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَقْلِ يَکْفِيْ لِمَعْرِفَةِ الصَّانِعِ فَلَا يُعْذَرُ فِيْ الْجَهْلِ بِخَالِقِهِ