" الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ "، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْإمَامِ أَبِي مَنْصُورٍ المَاتُرِيْدِيِّ وَالْحُسَيْنِ ابْنِ الْفَضْلِ البَجَلِيِّ ، رَحِمَهُمَا اللهُ ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الأَشْعَرِيِّ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإيمَانَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ إِخْوَةِ يُوْسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ : ( وَمَا أَنْتِ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ) ، أَيْ بِمُصَدِّقٍ لَنَا ، إِلَّا أَنَّ التَّصْدِيقَ لَمَّا كَانَ أَمْرًا باطِنًا لَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فَأَوْجَبَ الشَرْعُ الإقْرَارَ أَمَارَةً عَلَى التَّصْدِيقِ وَشَرَطًا لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ ، كَمَا قَالَ النَبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يُقُولُوا لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصِمُوا مِنِّيْ دِماءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إِلَّا بِحَقِّهَا ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ ) وَلِهَذَا يَكْفِي فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَالْأَعْمَالُ لَيْسَتْ مِنَ الْإيمَانِ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى عَطَفَ الْأَعْمَالَ عَلَى الْإيمَانِ بِقَوْلِهِ : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) ، وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْه ، وَكَذَا الْإيمَانُ شَرْطُ صِحَّةِ الْأَعْمَالِ ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) ، وَالشَّرْطُ غيرُ الْمَشْرُوطِ
ثُمَّ الْإقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ ، فَإِذَا قَالَ : آمَنْتُ ، فَمَا لَمْ يَكُنِ التَّصْدِيقُ قَائِمًا بِالْقَلْبِ لَا يَكُونُ صَادِقًا فِي الْإِخْبَارِ ، وَلِهَذَا نَفَى اللهُ تَعَالَى الْإيمَانَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ مَعَ إقْرَارِهِمْ بِالْإيمَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ) ، فَمَنْ أَقَرَّ وَلَمْ يُصَدِّقْ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَنَا كَافِرًا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى ، وَمَنْ صَدَّقَ وَلَمْ يُقِرَّ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَ اللهِ كَافِرًا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيا ، وَاللهُ الْعَاصِمُ ۔