تِلْكَ الْإِخْبَارَاتِ بِحَالِ الْكَهَنَةِ وَالسَّحَرَةِ وَالْمُنَجِّمَةِ ، كَمَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنَ السَّجْعِ وَالرَّجَزِ ، وَمُلاَبَسَةِ الْأَقْذَارِ ، وَالاسْتِعانَةِ بِالشَّيَاطِينِ ، وَالنَّظَرِ فِي الأُصْطُرْلَابِ ، وَالتَّفَكُّرِ فِي الْحِسَابِ. بَلْ كَانَتْ أَحْوالُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ عَلَى الاسْتِقامَةِ وَالسُّكُونِ وَالْوَقَارِ ، وَتَرْكِ الْحُظُوظِ الدُّنْيَوِيَّةِ. وَدَوَامِ الاشْتِغَالِ بِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى . وَهَذِهِ الْمُعْجِزَاتُ ، وَإِنْ ثَبَتَ أَكْثَرُهَا بِطْرِيْقِ الآحَادِ، وَلَكِنْ دَلَّتْ بِمَجْمُوْعِهَا عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ ، وَهُوَ ظُهورُ النَّاقِضِ لِلْعَادَةِ عَلَى يَدَيْهِ . فَيَصِيرُ كَالْْمُتَوَاتِرِ فِي هَذِه الدَّلالَةِ ، فَيُفِيْدُ الْعِلْمَ قَطْعًا ، كَالْْحِكَايَاتِ الَّتِيْ نُقِلَتْ بِطَرِيْقِ الآحَادِ : عَنْ جُودِ حَاتِمٍ ، وَعَدْلِ أَنُوشِرْوَانَ، وَشُجَاعَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَعِلْمِ أَبِيْ حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ ، وَلَكِنْ لَمَّا دَلَّ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا بِمَجْمُوعِهَا عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ ، وَهُو الْجُودُ ، وَالْعَدْلُ ، وَالشُّجَاعَةُ ، وَالْعِلْمُ وَقَعَ الْعِلْمُ بِهَذِهِ اِلْمَعَانِيْ قَطْعًا ، فَكَذَا هَذَا .