بِلْقِيسَ مِنْ مَسَافَةٍ بَعيدَةٍ فِي زَمانٍ قَرِيبٍ ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى ( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) الآية . وَكَذَا سَمِعَ سَارِيَةُ ، وَهُوَ بِنَهَاوَنْد ، قَوْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ : يَا سَارِيَةُ الجَبَلَ الجَبَلَ ، وَبَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ مِائَةِ فَرْسَخٍ . وَجَرَيَانُ النَّيْلِ بكِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَشُرْبُ خَالِدٍ قَدَحًا مِّنَ السُّمِّ مَشْهُورٌ ، وَمَا نُقِلَ مِنْ كَرَامَاتِ التَّابِعِيْنَ وَصَالِحِيْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، بَلَغَ حدًّا لَوْ جُمِعَتْ أَحَادُهَا لَبَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ فِي جَوَازِ الْكَرَامَةِ .
وَأَمَّا الْعَقْلُ فَإِنَّهَا فِعْلُ اللهِ تَعَالَى عَلَى خِلاَفِ مَجْرَى الْعَادَةِ لِيَعْرِفَ الْعَبْدُ ثَمَرَةَ الطَّاعَةِ وَتَزْدَادَ بَصِيْرَتُهُ بِصِحَّةِ دِيْنِهِ .
فَإِنْ قِيْلَ : لَوْ ظَهَرَتِ الْكَرَامَةُ عَلَى هَذَا الْحَدِّ لَأَشْبَهَتِ الْمُعْجِزَةَ ، فَلَا يُعَرَفُ النَّبِيُّ مِنَ الْوَلِيِّ ۔