Deobandi Books

البداية في أصول الدين- یونیکوڈ - غیر موافق للمطبوع

31 - 78
فَإِنْ قِيْلَ: لَوْ أَتَى الرَّسُولُ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ فَفِي الْعَقْلِ غُنْيَةٌ وَكِفَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ. وَلَوْ أَتَى بِمَا يَنْفِيْهِ الْعَقْلُ فَالْعَقْلُ يَرُدُّهُ وَيُحِيْلُهُ. فَلَا فَائِدَةَ فِيْهِ . 
قُلْنَا : يَأْتِي الرَّسُولُ بِمَا يَقْصُرُ الْعَقْلُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَإِدْرَاكِهِ ، فَإِنَّ قَضِيَّاتِ الْعُقُولِ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ ، وَمُمْتَنِعٌ ، وَجَائِزٌ. وَالْعَقْلُ يَحْكُمُ فِي الْوَاجِبِ وَالْمُمْتَنِعِ، وَلَكِنْ يَتَوَقَّفُ فِي الْجَائِزِ فَلَا يَحْكُمُ فِيْهِ، لَا بِالنَّفْيِ وَلَا بِالْإِثْبَاتِ، وَلَا يُوجِبُ شَيْئًا مِّنْ ذَلِكَ وَلَا يُحَرِّمُ ، إِلَّا أَنَّه إِذَا تَعَلَّقَ بِه عَاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ يُقْبِلُ عَلَيْهِ. وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ عَاقِبَةٌ ذَمِيمَةٌ يُعْرِضُ عَنْهُ . فَإِذَا بَيَّنَ الرَّسُولُ مِنَ اللهِ تَعَالَى عَوَاقِبَ الْأَفْعَالِ وَقَفَ الْعَقْلُ عَلَى مَا فِيْهِ صَلاَحُهُ فَيَقْبَلُهُ وَعَلَى مَا فِيهِ فَسَادُهُ فَيَرُدُّهُ. عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَن يَّرِدَ الشَّرَعُ بِبَيَانِ مَا فِي الْعَقْلِ إِمْكانُ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ ، تَيْسِيْرًا لِلْأَمْرِ عَلَى الْعَاقِلِ، إِذْ لَا بُدَّ لَهُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ مُلاَزَمَةِ التَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ الدَّائِمِ وَالْبَحْثِ الْكَامِلِ ، بِحَيْثُ لَوِ اشْتُغِلَ بِذَلِكَ لَتَعَطَّلَ أَكْثَرُ مَصَالِحَهِ. فَيَكُونُ التَّنْبِيْهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الرَّسُولِ فَضْلًا وَرَحْمَةً. كَمَا قَالَ اللهُ تعَالَى: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ).
ثُمَّ الشَّرْطُ فِيهِ أَن يَّكُونَ ذَكَرًا ، لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ تُنَافِي الْإِرْسَالَ عِنْدَنَا، خِلاَفًا لِلْأَشْعَرِيَّةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ تَقْتَضِي الاشْتِهَارَ بِالدَّعْوَةِ ، وَالْأُنُوثَةُ تُوجِبُ السِّتْرَ ، وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ. وَيَدَّعِي مِمَّا لَا يُحِيلَهُ الْعَقْلُ ، وَيُقِيْمُ الدَّلَالَةَ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ ، إِذْ لَا يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهِ بِدُونِ الْمُعْجِزَةِ، خِلاَفًا لِلْإِبَاضِيَّةِ مِنَ الْخَوَارِجِ، حَيْثُ قَالُوْا : يَجِب قَبُولُ قَوْلِهِ قَبْلَ إِظْهارِ الْمُعْجِزَةِ. وَذَلِكَ قَوْلٌ بَاطِلٌ ، لِأَنَّهُ لَا تَقَعُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمُتَنَبِّيِّ إِلَّا بِالْمُعْجِزَةِ ، فَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ بِدُونِهَا.
وَالْمُعْجِزَةُ مَا يُظْهِرُ عَجْزَ الْخَلْقِ عَنِ الْإِتْيانِ بِمِثْلِهِ، وَالْهاءُ لِلْمُبَالَغَةِ لَا لِلتَّأْنِيْثِ. وَحَدُّهُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِيْنَ: ظُهُورُ أَمْرٍ بِخِلاَفِ الْعَادَةِ عَلَى يَدِ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ عِنْدَ تَحَدِّي الْمُنْكِرِينَ عَلَى وَجْهٍ يُعْجِزُ الْمُنْكِرِيْنَ عَنِ الْإِتْيانِ بِمِثْلِهِ. وَوَجْهُ دَلالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّا لَمَّا عَرَفْنَا أَنَّ الْمُعْجِزَةَ فِعْلُ اللهِ تَعَالَى ، لَا صُنْعَ لِلْعِبَادِ فِي ذَلِكَ ، كَقَلْبِ
x
ﻧﻤﺒﺮﻣﻀﻤﻮﻥﺻﻔﺤﮧﻭاﻟﺪ
1 فہرست 1 0
2 البِدَايَةُ فِيْ أُصُوْلِ الدِّيْنِ 1 1
3 القَوْلُ فِيْ مَدَارِكِ العُلُوْمِ 1 1
4 الْقَوْلُ فِيْ حَدَثِ الْعَالَمِ وَوُجُوْبِ الصَّانِعِ 4 1
5 اَلْقَوْلُ فِي تَوْحِيْدِ الصَّانِعِ 6 1
6 اَلْقَوْلُ فِي تَنْزِيهِ الصَّانِعِ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ 8 1
7 القَوْلُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ 10 1
8 اَلْقَوْلُ فِي الْاِسْمِ وَالْمُسَمَّى 13 1
9 اَلْقَوْلُ فِيْ نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ وَالتَّشْبِيْهِ 14 1
10 القَوْلُ فِي أَزَلِيَّةِ كَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى 16 1
11 الْقَوْلُ فِي التَّكْوِيْنِ وَالْمُكَوَّنِ 20 1
12 القَوْلُ فِي جَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى 23 1
13 فَصْلٌ 28 1
14 اَلْقَوْلُ فِي الْإِرَادَةِ 28 1
15 اَلْقَوْلُ فِيْ إثْبَاتِ الرُّسُلِ 30 1
16 فَصْلٌ 32 1
17 القَوْلُ فِي خَوَاصِّ النُّبُوَّةِ 38 1
18 القَوْلُ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ 39 1
19 اَلْقَوْلُ فِي الْإمَامَةِ وَتَوَابِعِهَا 41 1
20 فَصَلٌ فِي إمَامَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ 43 1
21 القَوْلُ فِيْ مَسَائِلِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيْرِ 46 1
22 القَوْلُ فِي الْاِسْتِطاعَةِ 47 1
23 القَوْلُ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِف 49 1
24 اَلْقَوْلُ فِي إِبْطَالِ التّوْلِيْدِ 53 1
25 الْقَوْلُ فِي تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ 54 1
26 فَصْلٌ 58 1
27 الْقَوْلُ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْأَصْلَحِ 59 1
28 القَوْلُ فِي الْأَرْزَاقِ 60 1
29 الْقَوْلُ فِي الْآجَالِ 61 1
30 القَوْلُ فِي الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ 62 1
31 الْقَوْلُ فِي الْهُدى وَالْإِضْلاَلِ 64 1
32 الْقَوْلُ فِي أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ 65 1
33 فَصْلٌ 68 1
34 الْأُوْلَى مَسْأَلَةُ الشَّفَاعَةِ . 68 1
35 الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْعَفْوِ عَنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ ، هَلْ يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ أَمْ لَا ؟ 68 1
36 الثَّالِثَةُ أَنَّ الظُّلْمَ وَالسَّفَهَ وَالْكَذِبَ هَلْ هِيَ مَقْدُوْرَةٌ لِلّهِ تَعَالَی أَمْ لَا ؟ 69 1
37 الرَّابِعَةُ بَيَانُ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ 69 1
38 القَوْلُ فِي الْإيمَانِ وَالْإِسْلامِ 70 1
39 القَوْلُ فِي حَقِيقَةِ الْإيمَانِ 72 1
40 الْقَوْلُ فِي إيمَانِ الْمُقَلِّدِ 74 1
41 فَصْلٌ 75 1
42 القَوْلُ فِيمَا وَجَبَ الْإيمَانُ بِهِ بِالسَّمْعِ 76 1
Flag Counter